بقلم : إبراهيم خليل إبراهيم
قصدتُ مدينة أسوان في مهمة عملية وفى إستراحة الفندق جلستْ سائحة يابانية وحيتني ..
بادلتها التحية…تناولنا معا الشاى ..
ابتسمت وهى تثنى على كرم المصريين..تجاذبنا أطراف الحديث ..
قلت لها : منذ أيام كنتم تقيمون ذكرى إلقاء القنبلة الذرية على مدينتي هيروشيما وناجازاكى ..
قالت وفى عينيها رفرف طائر الألم: كان والدي يقص علينا فجيعة مأساة تلك الأيام التي ألقت فيها طائرة أمريكية من طراز (بـ 29) صباح 26 أغسطس عام 1945 أول قنبلة ذرية تستخدم فى تاريخ العمليات الحربية على مدينتنا هيروشيما والثانية على ناجازاكى .
أودت قنبلة هيروشيما بحياة 100000 يابانى وارتفع العدد إلى 140000 بنهاية العام .
بعد ذلك زاد العدد بخمسة وأربعين ألفا من جراء الإشعاعات مع ظهور أمراض السرطان..حيث رفع انفجار القنبلة درجة حرارة الأرض إلى 4000 درجة فى دائرة نصف قطرها 5.3 كم وارتفعت سرعة الرياح إلى 440 مترا فى الثانية.
أصبح عشرات الأطفال بلا مأوى أما من نجا من الموت فقد أصابه التشوه .. كما سويت مدينة هيروشيما بالأرض وبقيت بعض أطلا.
ذكر والدي أن اليابانيين وهم تحت الاحتلال الأمريكي صار بينهم جدل حول ما إذا كان من الأفضل ترك أطلال المباني شاهدا على جريمة الأمريكان أم هدمها وإزالة آثارها؟
واستقر الرأي على الإبقاء على شاهد واحد وهو مبنى ذو قبة عالية..أما مكان سقوط القنبلة فقد أقيم فيه مستشفا وحيدا..وإلى الآن وأنا مازلت أحافظ مع بقية اليابانيين على زيارة القبة ومكان سقوط القنبلة..ثم قالت مبتسمة :
بلادكم جميلة فحافظوا عليها .
قلتُ لها:وأنتم شعب عظيم ..وافترقنا .
قبل أن نفترق أهديكم نصي التجريبي الذي ضمه كتابي (بساتين البوح) تحت عنوان (وثيقة للزمن) :
أنا لا أخاف من المقاصل…
لا أهاب الأسئلة…
وطني أنا…
من منكم له منزل؟
يا مصر يا كل المنازل…
والمصانع والمزارع…
يا بلاد لايقال عن سواها…
يا بلاد المسلمين والنصارى…
يا بلادا تنشر العفة للعذارى…
لازال عشقك يا بلادي…
لقمتي وشرابي…
فالعاشق من قدم نفسه…
كي يعيش الوطن…
إنما الخائن من يبيع…
الوطن كي يعيش بذاته .